بقيت الأسهم الآسيوية تحت الضغوط يوم الثلاثاء على خلفية ما تسببت به عمليات التصفية الهائلة التي شهدتها الأسواق المالية من خسائر ومخاوف في أوساط المستثمرين. وقد يحُدُّ تراجع الإقبال على المخاطر من المكاسب التصاعدية، برغم ما تُظهره العقود الأوروبية الآجلة من بداية إيجابية لجلسات التداول رغم الحذر الذي يسود الأسواق بالمُجمل. ومن جانبها، أدت المخاوف المتزايدة بشأن ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى زعزعة الاتجاهات العالمية أمس، مع وصول آثار هذه التداعيات إلى أصول المخاطر.

وأمّا في مجال العملات، وصل الدولار القوي إلى مستويات لم يشهدها منذ عقدين، وذلك بفضل الإحجام عن المخاطر وارتفاع عائدات سندات الخزينة، التي تجاوزت حاجز الـ 3.20% للمرة الأولى من عام 2018. ومن ناحيتها، تراجعت أسواق السلع الأساسية مع سعي المستثمرين للبيع عبر مُختلف فئات الأصول. وبرغم الاستقرار الذي سجّلته أسعار الذهب هذا الصباح، يُرجح أن يُواجه المعدن الثمين بعض الصعوبات، مثل ارتفاع سعر الدولار وزيادة عائدات سندات الخزينة والتوقعات بتوجه الاحتياطي الفدرالي لرفع أسعار الفائدة. ولا تبدو أسعار النفط مبشرة أيضاً، لا سيما في ضوء الضغوط التي تتركها حالات الإغلاق في الصين والمخاوف التي تحوم حول النمو العالمي على آفاق جانب الطلب.

وقد تُشجع الأجواء السلبية والغموض الذي يلف الأسواق المالية المستثمرين للابتعاد قدر الإمكان عن أصول المخاطر هذا الأسبوع، ما قد يُسفر عن ارتفاع سعر الدولار وتقديم بعض الدعم للذهب. ومن ناحية البيانات، ستصدر نتائج استبيان مؤشر الثقة في الاقتصاد لمركز الأبحاث الاقتصادية الأوروبية في ألمانيا في وقت لاحق من صباح اليوم. وتتوقع الأسواق تراجع مؤشر الثقة لمستوى -42.0 نقطة في شهر مايو بالمقارنة مع -41.0 نقطة في أبريل من العام ذاته. وفي وقت لاحق من اليوم، تترقب الأسواق عدداً من التصريحات المتوقعة من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي، والتي قد تؤدي إلى بعض التقلب في أداء الدولار الأمريكي. ومع ذلك، يبقى تقرير مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة، المتوقع صدوره يوم الأربعاء، الحدث الأبرز والأكثر ترقباً لهذا الأسبوع.

ألا يُمكن إيقاف ارتفاع الدولار؟

استهل المضاربون على الدولار الأمريكي أسبوع التداولات بقوة متجددة، لتصل العملة الأمريكية يوم الاثنين لمستويات لم تشهدها منذ عشرين عاماً مضت، وتزامن ذلك مع ارتفاع عائدات سندات الخزينة الأمريكية لأعلى مستويات تشهدها هذه الدورة. وارتفعت قيمة الدولار الأمريكي أمام جميع نظرائه من العملات الرئيسية العشرة خلال الربع الجاري، مدفوعاً بتوقعات رفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة وتوجهات الإحجام عن المخاطر الناجمة عن المخاطر الجيوسياسية المستمرة.

ومن جانبه، قد يؤدي تجاوز مؤشر الدولار الأمريكي لحاجز الـ 104.00 نقطة إلى فسح المجال أمام تسجيل مستويات جديدة من الزيادة. ومع ذلك، قد نشهد نوعاً من التراجع الفني لاحقاً قبل أن يلجأ المضاربون على ارتفاع دولار الأمريكي لزيادة نشاطهم. ونتوقع بقاء تقلب الدولار على رأس قائمة المواضيع المتداولة في ضوء ما يترقبه الأسبوع المقبل من إصدارات للبيانات الاقتصادية الأمريكية وخطابات مسؤولي الاحتياطي الفدرالي.

وسيكون عددٌ من متحدثي الاحتياطي الفدرالي تحت دائرة الضوء في وقت لاحق من هذا اليوم؛ وفي حال صدرت عنهم أيّ تصريحات داعمة لكبح جماح التضخم وغيرها من تلميحات تُنعش التوقعات بإقرار زيادة بواقع 75 نقطة أساس في شهر يونيو، فيُمكن للدولار الأمريكي أن يُسجّل المزيد من المكاسب على جميع الصُعد. وإلى جانب ذلك، ننتظر غداً موعد إطلاق أحدث تقارير التضخم الأمريكية، والذي من المتوقع أن يُسلط الضوء على ارتفاع الأسعار بنسبة 8.1% على أساس سنوي في شهر أبريل بالمقارنة مع 8.5% في شهر مارس. ومن شأن صدور أيّ أرقام تتجاوز توقعات الأسواق أن يؤدي إلى تعزيز ارتفاع سعر الدولار، بحيث يتسنى لمؤشر الدولار الأمريكي أن يُحقق إغلاقاً قوياً فوق حاجز الـ 104.00 نقطة مئوية.

انخفاض أسعار النفط وسط تدابير الإغلاق في الصين

تراجعت أسعار النفط مع بداية الأسبوع الجاري لتُغلق تداولاتها بتراجع عند 6% يوم الاثنين، ويعود ذلك إلى العديد من العوامل المؤثرة على آفاق الطلب.

ووجد النفط نفسه تحت الضغط مع توجه المملكة العربية السعودية لخفض الأسعار لعملائها في آسيا وجزء من أوروبا، بينما عزّز تقرير بيانات الصادرات الوارد من الصين من هذا التراجع. ومن ناحية ثانية، تُلقي المخاوف المتنامية حول ارتفاع أسعار الفائدة وحدوث الركود والقيود المفروضة بسبب أزمة كوفيد-19 في الصين، والتي تؤدي جميعاً إلى تباطؤ نمو الصادرات، بظلالها على الأسعار أيضاً. ومع ذلك، قد تُسهم المخاطر الجيوسياسية المستمرة بسبب النزاع الأوكراني-الروسي في التخفيف من الخسائر التنازلية.

وبالنظر إلى الناحية الفنية، تحوم جميع مؤشرات النفط الخام حول حاجز الـ 100 دولار للبرميل. وقد نكون على موعد مع عمليات تصفية واسعة النطاق في حال لم تَثبُت هذه النقطة كمستوى موثوق للدعم. ويُعتبر المتوسط المتحرك البسيط لمدة 100 يوم عند 97.24 دولار للبرميل هو مستوى الدعم الأولي بالنسبة لخام برنت.

لمحة عن السلع الأساسية – الذهب

لم تكن الأسابيع القليلة الماضية جيّدة بالنسبة للذهب، فقد ألقت العديد من العوامل، مثل ارتفاع سعر الدولار وزيادة عائدات سندات الخزينة والتوقعات بحفاظ الاحتياطي الفدرالي على سياسته النقدية الحازمة، بظلالها السلبية على المعدن الثمين. ويبقى الذهب على موعد مع العديد من التحديات خلال الأيام المقبلة، لا سيما مع تسجيل الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته منذ حوالي العشرين عاماً.

وتُظهر الصورة الفنية تراجع الأسعار على الجداول البيانية اليومية مع إيجاد الدعم عند مستوى 1855 دولار للأونصة. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى استجابة المضاربين على ارتفاع أسعار الذهب بينما يُحاولون الحفاظ على هذا المستوى، وبينما يُحاول أولئك ممن يتوقعون تراجع الذهب دفع الأسعار لمزيد من الهبوط. وأمّا من الناحية الفنية، فقد استقر المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم، الذي تتم متابعته على نطاق واسع، عند عتبة 1835 دولاراً للأونصة. ولا بد من التأكيد بأنّ التقلب سيكون جزءاً من اللعبة أيّاً كانت النتيجة.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.