وضع فيروس كورونا العالم بأسره في حالة تأهب. فبعد أن فتك وباء السارس بحياة 800 شخص في 37 بلداً عام 2003 متسبباً بهلع كبير وما رافقه من اضطرابات اقتصادية، تنتشر اليوم مخاوف جدية حيال تفشٍّ آخر لفيروس كورونا جديد بدأ ينتشر في مدن صينية من بينها العاصمة بكين وشانغهاي.

 

وليس من الواضح اليوم ما إذا كان التفشي الحالي يرقى إلى حالة طوارئ صحية عامة ذات أبعاد دولية، الأمر الذي يستدعي استجابةً عالمية. لكن حين ننظر إلى تحركات الأصول المالية، فإننا نرى علامات واضحة على ارتياب المستثمرين. 

 

فقد انطلقت السنة الجديدة قبل ثلاثة أسابيع على أمل أن النشاط العالمي سينتعش بعد أن توصلت الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى هدنة تجارية وبعد أن غابت عن البنوك المركزية أية دلائل على فرض سياسات مقيدة في المستقبل القريب.

 وفي ظل انخفاض العائدات فقد كان من الحكمة الاحتفاظ بأصول المخاطر مقل الأسهم الدورية، خاصةً وأننا قد رأينا تحسناً ثابتاً في مكاسب الشركات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.

 

 ونجد النصائح التي تدعو إلى عدم الإفراط في الاحتفاظ بأصول المخاطر تحاجج بوجود مغالاة في التقديرات، حيث أن العديد من مقاييس أسهم النمو الدورية قد بلغت مستويات لم نشهد لها مثيلاً إلا في أواخر التسعينيات في فترة فقاعة "دوت كوم" التي تشير إلى المضاربة المفرطة بعد ثورة الإنترنت. لكن نظراً إلى أن معدل العائدات الذي يتطلبه المستثمرون منخفض نسبياً بالمقارنة مع تلك الفترة ولا تزال هناك كمية وافرة من النقد على الهامش، فلا يوجد ما يوقف ارتفاع الأسهم الذي نشهده حالياً.

 

 لكن السؤال المطروح اليوم هو هل يحتمل أن يشكل تفشي فيروس كورونا حافزاً لتصحيح الأسواق. تذكرنا ردود الفعل التي حصلت اليوم بأوائل شهر فبراير سنة 2018 حين قفز مؤشر التقلب التابع لبورصة مجلس شيكاغو لعقود الخيارات (VIX) بمعدل قياسي بلغ 20 نقطة في يوم واحد. حيث لم يكن ذلك التحرك متوقعاً وأدى إلى عمليات بيع واسعة لأصول المخاطر إذ انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز500 بأكثر من 8% بعد خمسة أيام من الارتفاع الحاد الذي شهده مؤشر VIX، لكن لا بد أن نشير إلى أن استعادة كل تلك الخسائر لم تستغرق سوى 11 يوماً.

 

 الآن وقد بات السفر إلى خارج مدينة ووهان الصينية ممنوعاً، يخاف المستثمرون من أن الفيروس قد انتشر أساساً في أرجاء البلاد وربما حول العالم. وتتصدر الأسهم الصينية خسائر الأسواق الآسيوية اليوم حيث كان مؤشر شانغهاي المركب قد انخفض بمعدل 2.85% وقت كتابة هذا المقال. كما استمر انخفاض أسعار النفط لتصل إلى أدنى معدل لها خلال سبعة أسابيع، فيما انخفضت عائدات سندات الخزانة الأمريكية عبر منحنى العائدات.

 

 صحيحٌ أن تراجعاً طفيفاً في أسعار الأصول قد يكون أمراً صحيّاً في ظل الارتفاع القوي الذي شهده هذا العام، لكن الجميع يترقبون ما إذا كان فيروس كورونا مجرد مطب بسيط أمام الارتفاع الذي تشهده أصول المخاطر العالمية أم محفزاً لانخفاض أكثر حدة. ويفترض أن نعرف الإجابة خلال بضعة أيام، على الأرجح قبيل رأس السنة الصينية. ولا شك في أن المستثمرين سيراقبون مدى سرعة انتشار الفيروس ومعدل الوفيات والوقت المتوقع لإيجاد علاج له. لكن في هذه الأثناء فإننا نتوقع اشتداد التقلبات وتحقيق مزيد من المكاسب في أصول الملاذ الآمن 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.