يعود الذهب للاقتراب من مستوى المقاومة الرئيسي الخاص به ومن قيمته القياسية التي سجّلها على مدى عدة أعوام عند 1764 دولار للأونصة، ويأتي ذلك بعد الهبوط بواقع 5.4% عن أعلى المستويات التي شهدها بتاريخ 18 مايو المنصرم. وكان هذا الارتفاع في قيمة المعدن الثمين قد أتى بالتزامن مع زيادة قياسية في أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا؛ إذ شهد صندوق إس بيه دي آر جولد تراست ارتفاعاً بواقع 2% في صافي التدفقات الداخلة لديه.

 لا يُعتبر الذهب واحداً من فئات الأصول الجذابة لدى العديد من المستثمرين، لا سيما وأنّه لا يُفضي عن أي نوع من الفوائد، غير أنّ هؤلاء المستثمرين قد يجدون في المعدن الثمين هذا بديلاً أفضل للعديد من فئات الأصول الأخرى.

 بات من الواضح أنّ زيادة الأسعار في أسواق الأسهم تفقد زخمها، ولم يعد هُناك ما يكفي من الحوافز التي من شأنها المحافظة على استمرارية هذا الاتجاه التصاعدي في السوق. وقد سبق وتأثرت أسعار الأسهم بالتدابير المتخذة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، وبات من المستبعد أن نشهد جولة ثانية من الحوافز في المرحلة الحالية. وعلى فرض بقاء مؤشر ستاندرد آند بورز500 ضمن نطاق 3000 و3200 نقطة لغاية نهاية العام، فستقتصر تداولاته على نسب أسعار إلى أرباح تتراوح بين 24 و26 ضعفاً لعام 2020 و19 إلى 20 ضعفاً لغاية نهاية عام 2021. ويُعتبر هذا أغلى الأسواق منذ فقاعة الإنترنت.  ولا يعني هذا بأنّ الأسهم أصبحت بحاجة لتصحيحات حادة، بل يؤكد بأنّها بحاجة لمفاجأة إيجابية كبيرة على محوري الاقتصاد والإيرادات، لتستمر في الارتفاع؛ غير أنّ هذا بعيد كُلّ البعد عن السيناريو الرئيسي المرتقب.

 ويُعتبر المسار التالي لأسواق الدخل الثابت أبرز العوامل المؤثرة بالنسبة للذهب في هذه المرحلة؛ إذ يتم تداول العائدات الأمريكية الحقيقية المستحقة بعد عشرة أعوام ضمن نطاق -0.61% في الوقت الراهن، وباستثناء الهبوط الحاد الذي شهده التاسع من مارس المنصرم عند -0.98%، يُعتبر هذا أدنى المستويات التي تُسجلها العائدات الحقيقية منذ عام 2013، عندما فاجأ الاحتياطي الفدرالي الأسواق المالية بإعلان نيته تعليق سياساته التحفيزية.

 ومن جهة أخرى، تُعد العائدات الحقيقية في أوروبا، لا سيما في ألمانيا، أقل من نظيرتها في الولايات المتحدة. ولا تُبشر هذه الأخبار بالخير بالنسبة للأشخاص الذين يوشكون على التقاعد؛ إذ باتوا واثقين من حصولهم على راتب تقاعدي منقوص القيمة في حال لم يعتمدوا مقاربة أكثر مخاطرة. وفي ضوء ضخ ما يصل إلى تريليونات الدولارات من قبل الحكومات والبنوك المركزية في الأسواق على شكل تدابير تحفيزية، لم يعد من المستغرب أن نشهد ارتفاع مستويات التضخم، الأمر الذي سيُشكل ضربة جديدة للمدخرين.

 وبتنا نلمس تزايداً في توجه البنوك المركزية للسير على خطى اليابان فيما يتعلق باستهداف منحنيات العائدات. وقد يبدو إبقاء آجال استحقاق العائدات القصيرة والمتوسطة الأمد تحت الضغوط خبراً ساراً بالنسبة لمحبي المخاطر، ولكن نؤكد مجدداً بأنّ كبار السن سيدفعون الثمن في ظل توجه العائدات الحقيقية نحو النطاقات السالبة. ومن شأن هذا أن يُحول الذهب إلى وسيلة للتحوط ضد العائدات السالبة، وتخفيض قيمة العملات، والارتفاع المفاجئ في معدلات التضخم أو الانكماش، والأداء الاقتصادي الضعيف والصدمات في أسواق الأسهم.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.