يتمثل أحد أهم الدروس المستفادة من الشهور الثلاثة الماضية في ضرورة احترام التوجه السائد في السوق. وبصرف النظر عن طبيعة التعافي المتوقع في السوق وشكله، يُعتبر السير ضد التيار تجارة خاسرة وإن كان مدفوعاً بمستويات الإنفاق الهائلة التي خصصتها البنوك المركزية وعلى رأسها الاحتياطي الفدرالي.

 ومع ذلك، قد لا يدوم الاتجاه التصاعدي في الأسواق مطولاً إن لم يكن مدعوماً بالأساسيات الاقتصادية، وهي التعافي الاقتصادي المستدام والتحسن في العائدات. ويعتقد العديد من المستثمرين في الوقت الراهن بأنّ تلك العائدات ستعود إلى المستويات التي سجّلتها في العام الماضي فيما يتعلق بمؤشر ستاندرد آند بورز500. وفي حال صحّت هذه التوقعات، ستكون الانتعاشة الحادة التي شهدناها في قيمة الأسهم منذ 23 مارس الماضي منطقية. وبالنظر إلى حفاظ أسعار الفائدة على مستوياتها القريبة من الصفر لفترة مطولة من الزمن، سيكون أمام تدابير الإنعاش الاقتصادي الكثير لإنجازه.

 وأمّا من الناحية الاقتصادية، سجّلت العديد من المؤشرات انتعاشة ملموسة منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19، الأمر الذي ينطبق بشكل خاص على البيانات الاقتصادية البارزة مثل مؤشرات مديري المشتريات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا والصين. غير أنّه من الأهمية بمكان أن نأخذ بالاعتبار المستوى المنخفض بصورة استثنائية الذي تنطلق منه هذه الانتعاشة، والتي لن تكون مجدية في حال لم تتمتع بالاستدامة.

 شهدت أسواق الأسهم عمليتي تصفية خلال الأيام العشرة الماضية، في 11 و24 يونيو الجاري، وهبط خلالهما مؤشر ستاندرد آند بورز500 بواقع 5.9% و2.6% على الترتيب. وليست هذه التحركات الكبيرة سوى أدلة دامغة على مقدار القلق السائد في السوق.  ويميل المؤشر في الوقت الراهن نحو المتوسط المتحرك لـ 200 يوم على المدى الطويل، ومن شأن الهبوط لما دون هذه العتبة أن يُشكل تهديداً للتوجه التصاعدي في السوق. وبحسب الاستبيان الصادر عن الرابطة الأمريكية للمستثمرين الفرديين فقد ارتفعت النظرة التشاؤمية قصيرة الأمد لدى المستثمرين إلى مستويات عالية وغير اعتيادية، الأمر الذي قد يؤدي إلى جني المزيد من الأرباح في حال هبوط المؤشر إلى ما دون المتوسط المتحرك لـ 200 يوم.

 وليست هذه سوى إشارات تحذيرية لما سيصل إليه حال هذا الارتفاع المتواصل في الأسعار على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. ونتساءل بعد هذا الارتفاع المطول في قيم السوق فيما إذا كانت هناك المزيد من العوامل الدافعة لهذا التوجه أو فيما إذا كنا على وشك أن نشهد انعكاساً في توجهات السوق. ولدينا بالتأكيد ما يكفي من الأسباب لنكون حذرين؛ حيث أسهمت عوامل مثل ارتفاع أعداد الإصابات بكوفيد-19 في العديد من الولايات الأمريكية ودول العالم الأخرى في توجيه علامات استفهام كبيرة إلى جدوى إعادة فتح الاقتصادات. وبصرف النظر عمّا إذا كنا نشهد موجه ثانية أم ما زلت الموجة الأولى مستمرة، من شأن تفشي الجائحة أن يعكس التدابير التي اتخذتها الحكومات لإعادة فتح اقتصاداتها، الأمر الذي يضع حداً لآمال حدوث الانتعاشة السلسة في السوق.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.