وقف العالم مصدوماً أمام التمرد الذي شهده مبنى الكونغرس الأمريكي يوم الأربعاء؛ إذ لطالما اعتقد الكثيرون بأنّ مثل هذه المشاهد تقتصر على أفلام هوليود، ومع ذلك حوّل مؤيدو ترامب هذا السيناريو إلى أمر واقع بعد اقتحامهم مبنى الكونغرس الأمريكي في العاصمة واشنطن. وقد يرى البعض بأنّ مظاهر العنف والفوضى التي أدّت إلى إيقاف جلسة المصادقة على فوز الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن بانتخابات الرئاسة 2020 ستؤدي بشكل مؤقت إلى بدء عمليات التصفية في أصول المخاطر، غير أنّ أثرها في حقيقة الأمر كان محدوداً للغاية على قرارات المستثمرين.

وفي الواقع، لم تلعب المشاهد التي تابعها العالم بأسره مباشرة عبر مختلف القنوات التلفزيونية أيّ دور في تغيير التوقعات بشأن الآفاق السياسية والاقتصادية على المدى القريب والمتوسط. ويُعد فوز الديمقراطيين بجولتي الإعادة في ولاية جورجيا العامل الأهم بالنسبة للمستثمرين. وفي ضوء تقاسم الجمهوريين والديمقراطيين لمقاعد مجلس الشيوخ الأمريكي مناصفة وتوجه نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى الإدلاء بصوتها الفاصل، أصبح الحزب الديمقراطي مسيطراً على الرئاسة ومجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكيين ليجسد بذلك سيناريو "الموجة الزرقاء".

سيبذل الرئيس المنتخب جو بايدن ما بوسعه لإنعاش خطة التحفيز المالي، ولهذا نلحظ تفوق أسهم الشركات الصغيرة والأسهم الدورية في أدائها على معدلات النمو. ومن جانبها، ارتفعت العائدات على سندات الخزينة المستحقة بعد عشرة أعوام بواقع 13 نقطة أساس منذ لحظة الإغلاق يوم الاثنين، لتحوم حول 1.05%، في أعلى مستوياتها منذ مارس الماضي. وفي الوقت ذاته، يبقى الدولار الأمريكي عند أدنى مستوياته على مدى ثلاثة أعوام، لا سيما في ظلّ التوقعات التي تُشير إلى دور زيادة مستويات الديون وأسعار الفائدة المنخفضة في مواصلة الضغوط السلبية على العملة الأمريكية.

وتبلغ تدابير الإنعاش الاقتصادي أوجها الآن ومن المتوقع أن تستمر لبعض الوقت. ومع ذلك، سجّل قطاع التكنولوجيا، الذي من المتوقع أن يُعاني في ظل إدارة بايدن الذي تعهد بزيادة الضرائب المؤسسية وإقرار قانون الاحتكار، أداءً أفضل من المتوقع مُغلقة تداولاتها بانخفاض لم يتجاوز 0.6% يوم أمس. ومن ناحيتها، ارتفعت عقود ناسداك المركب الآجلة بمعدل 0.9% عند تاريخ كتابة التقرير، وذلك في أعقاب عملية تصفية أولية حادة وصلت إلى 2% في اليوم السابق، لا سيما مع هبوط أسهم عمالقة التكنولوجيا الأربعة عند الإغلاق. وفي ضوء احتمالية زيادة الضرائب، فلن يحدث هذا في أيّ وقت قريب، لا سيما وأنّ الاقتصاد ما زال ضعيفاً وسيكون من الصعوبة بمكان تبرير أيّ زيادة في الضرائب في أوساط الديمقراطيين الوسطيين في ظلّ الظروف الحالية. ولا تُعد الضرائب أكبر المخاطر الماثلة أمام أسهم النمو مرتفعة القيمة، وإنّما أسعار الفائدة؛ وطالما هي تحت السيطرة، فلا أتوقع أيّ هبوط حاد في قطاع التكنولوجيا. غير أنّه من المرجح أن تواصل الأسهم الصغيرة وأسهم القيمة وتلك الدورية تفوقها في الأداء على النمو على مدى الأشهر القليلة المقبلة في حال تحققت التنبؤات بنجاح العالم في القضاء على كوفيد-19 بحلول نهاية العام.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.