أعلنت شركتا فايزر وبيونتيك يوم الاثنين بأن لقاح كوفيد-19 الذي طورتاه فعال بنسبة تزيد عن 90% في الوقاية من الفيروس، وانعكس هذا الإعلان إيجابياً على الأسواق التي شهدت حركة جيدة لغاية الآن خلال هذا الأسبوع. ورغم الارتفاع الملحوظ الذي حققته الأسهم العالمية، إلا أنه ليس ما لفت انتباهي. فقد أذهلتني أكثر عمليات البيع الواسعة لأسهم المنصة الإلكترونية لمؤشر فانج+ وإعادة تخصيص الموارد المالية لقطاعات اقتصادية حيوية. إذ انخفض مؤشر فانج+ في بورصة نيويورك بمعدل 3.2% يوم الاثنين وتابع انخفاضه بمعدل 2.5% يوم الثلاثاء. في حين حققت أسهم قطاعات المصارف والسفر والطاقة مكاسب كبيرة خلال أول يومين من الأسبوع.

هذا وقد ارتفعت عائدات السندات طويلة الأجل في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من البلدان المتقدمة بأكثر من 10 نقاط أساس، مما دعم بدوره التحرك باتجاه الأسهم الدورية وعمليات البيع في القطاعات التي حققت المكاسب الأكبر من أزمة كوفيد.

لكن يبدو بأن هذا التوجه قد انعكس يوم الأربعاء في ظل إسهام شركات التكنولوجيا بالجزء الأكبر من المكاسب التي حققتها شركات ستاندرد آند بورز500 والتي بلغت 0.76%، فيما أقفلت جميع أسهم المواد الأساسية والطاقة والمالية ضمن نطاق نمو سلبي.  

يشار إلى أن التحول المرتبط باللقاح سرعان ما تلاشى في ظل إدراك المستثمرين بأن أزمة كوفيد لن تختفي بالسرعة التي جاءت بها. فصحيحٌ أن خبر اللقاح لا يزال الخبر الأفضل الذي نتلقاه منذ انتشار الفيروس، غير أن الحياة لن تعود إلا سابق عهدها في غضون أيام أو أسابيع. حيث يعتمد هذا بشكل كبير على التوقيت الذي ستنطلق فيه حملة تطعيم واسعة وعلى مدى سرعة عودة الأنشطة الاقتصادية إلى المستويات التي كانت عليها قبل الأزمة. فلا تزال حالات الإقفال والقيود الاجتماعية على حالها في العديد من البلدان طيلة فصل الشتاء، وتحديداً في أوروبا، ولهذا سنستمر لبعض الوقت في الاعتماد على الشركات التي ترتكز في عملها على فكرة بقاء الناس في البيوت.

وفي حال ثبت أن الموجة الثانية التي تضرب أوروبا والثالثة التي تجتاح الولايات المتحدة الأمريكية ليستا بخطورة الموجة الأولى، فقد نرى تعديلات في حافظات المستثمرين تقوم على التقليل من التعرض للمخاطر على صعيد شركات التكنولوجيا والتوجه نحو الأسهم الحساسة على الصعيد الاقتصادي. لكن هذا لن يأخذ منحى مستقيماً ولن يؤدي بالضرورة إلى عمليات بيع أخرى أطول أمداً في قطاع التكنولوجيا. فكوفيد-19 في نهاية المطاف قد بدأ بموجة تغيرات هيكلية كبرى في الطريقة التي نؤدي فيها الأعمال التجارية ولربما تثبت الكثير من تلك التحولات بأنها دائمة.

لكن ثمة اليوم خطرٌ مهملٌ تماماً ألا وهو أزمة دستورية في الولايات المتحدة الأمريكية. فما عليكم سوى إلقاء نظرة على حساب الرئيس ترامب على تويتر لتفهموا ما أقصده. فترامب مستمر في رفض نتائج الانتخابات ولا يبدو أن له نيةً في الاعتراف بالهزيمة أو التنحي. لكن وفي ظل غياب أي دليل حتى الآن عن ادعاءاته بوجود أصوات غير قانونية، فإن الأسواق تتجاهل تغريداته وأفعاله. وإذا ما أدت خطوات ترامب القانونية إلى تأخير اعتماد نتائج الانتخابات، فقد نرى حينها هذا الخطر الذي يقل احتماله وقد تجسد في أسعار الأسهم وغيرها من فئات الأصول.

 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.