شهد العالم، وأخيراً، بصيص أمل وسط فترة من الغموض والتشاؤم، إذ بدأت مستويات الإصابة بفيروس كورونا المستجد بالوصول إلى مستويات مستقرة في مختلف دول العالم، حيث تبين البيانات حول أعداد الإصابات وأعداد الوفيات اليومية الصادرة عن إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا توجه هذه الدول نحو انخفاض هذه الأعداد. أما في الولايات المتحدة، أشار حكام نيويورك ولويزيانا ونيوجيرسي إلى مؤشرات على احتمال استقرار مستويات تفشي الفيروس.

ويؤسفني أن استخدم أعداد الوفيات كأداة للأسواق المالية، ولكن ذلك يعتبر أكثر العوامل المؤثرة على تحركات المستثمرين حالياً. إذ يشير تراجع عدد الوفيات نتيجة مرض كوفيد-19 إلى أننا نحقق مكاسب في عملية مكافحة هذا الفيروس، إذ تراجع إجمالي نسبة الوفيات من 13% في بداية أبريل إلى 7% أمس، وهي أول مرة نشهد فيها نسبة من خانة واحدة منذ 14 مارس الماضي.

وأدى تراجع أعداد حالات الإصابات الجديدة والوفيات إلى ارتفاع حاد في أسواق الأسهم، حيث شهدت الأسهم الأمريكية أفضل يوم لها خلال أسبوعين، وثامن أفضل يوم لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ ارتفع كل من مؤشري ستاندرد آند بورز500 وداو جونز بأكثر من 7% يوم الإثنين. وتعيد الأسواق حالياً تسعير سيناريو حدوث أسوأ الحالات بسبب تفشي الفيروس، ولكنني أعتقد أن الوقت ما زال مبكراً لتبرير تحرّك باتجاه تصاعدي لفترة أطول

ويعتقد المستثمرون الذين انتقلوا إلى أصول المخاطر في هذه المرحلة بأننا متجهون نحو مرحلة تعافٍ سريعة من آثار الفيروس. وتسهم القيم المنخفضة الجذابة والمخاوف من تفويت ارتفاع أسعار الأسهم قريباً وحزم التحفيز الاستثنائية في المبالغة في تفسير ارتفاع الأسعار. إلا أننا لا نعلم بعد الضرر الفعلي الذي تسبب به الفيروس على الاقتصاد العالمي أرباح الشركات وسياسات الخروج التي ستتبعها الدول خلال الأسابيع المقبلة. وسيؤدي عدم التوصل إلى علاج أو لقاح إلى إعادة فرض الحظر ومواصلة التعثر الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي. كما أن توقعات أرباح الشركات لا تزال غامضة إذ بلغ تشتت توقعات المحللين أعلى مستوياته. ولذا لن نكون أمام مسيرة سهلة وخاصة أن المستثمرين لا يزالون بحاجة إلى وقت طويل لاستيعاب البيانات الاقتصادية السلبية والعديد من حالات الإفلاس.

وأعتقد أن التعافي سيكون في أفضل السيناريوهات تدريجياً وليس سريعاً، كما أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه لوقت طويل. وسيحتاج السلوك الاجتماعي إلى وقت طويل ليعود إلى حالته الطبيعية ما يعني أن تراجع القطاع الخدمي سيتواصل. ونأمل حالياً أن ننجح في التخلص من فيروس كورونا المستجد، ليذهب إلى غير رجعة.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.