ترقب المستثمرون في جميع أنحاء العالم صدور تقرير رواتب الوظائف غير الزراعية الأمريكي يوم الجمعة الماضي، حيث توقعت العديد من الأطراف الفاعلة في السوق تسجيل مكاسب من سبع خانات في أعداد الوظائف التي استعادها الاقتصاد. ولسوء الحظ، كانت الصدمة كبيرة للغاية عندما تبيّن أن أصحاب الشركات في الولايات المتحدة وظّفوا ربع الرقم المتوقع فحسب، والذي بلغ 266 ألف وظيفة خلال شهر أبريل.

 

ومن جهة أخرى، برزت نتائج إيجابية سجّلتها العديد من البيانات الاقتصادية الصادرة على مدى الأسابيع القليلة الماضية، مثل الإنفاق الاستهلاكي والثقة التجارية والاستهلاكية وأنشطة خدمات سوق الإسكان والتصنيع، ما دفع الخبراء الاقتصاديين لتوقع إضافة تفوق حاجز المليون وظيفة بهامش كبير؛ ما يجعل هذه الأرقام أسوأ المفاجآت السلبية الذي يُسجلها الاستبيان في تاريخه، إن استثنينا شهر مارس لعام 2020.

 

وبرغم تحسن الأرقام المُسجلة في سوق العمل، قد لا تنجح الولايات المتحدة في استعادة جميع الوظائف التي خسرتها منذ بدء أزمة كوفيد-19 لغاية العام المقبل في حال ظهرت معالم الضعف على منحى التعافي في قطاع الوظائف. وليست هذه الأخبار سيئة بالضرورة بالنسبة للمستثمرين، بل تحمل طابعاً إيجابياً فيما يتعلق بأصول المخاطر وآخر سلبياً فيما يخص الدولار الأمريكي.

 

وكان معدل نقطة التعادل الأمريكي لعشرة أعوام، الذي يُعد مؤشراً لتوقعات تضخم الأسواق على مدى عشرة أعوام، قد سجّل مستوى قياسياً هو الأعلى منذ ثمانية أعوام عند 2.49%. وتتحرك الزيادة الأخيرة في توقعات التضخم مدفوعة بعاملين يتمثلان في الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية والتوقعات بتمديد العمل بالسياسة النقدية الميسرة. وبدوره، يتجه الاحتياطي الفدرالي لتأجيل أي تدابير لتخفيف أنشطة برنامج شراء الأصول لغاية نهاية العام بدلاً من الربع الثالث، الأمر الذي دفع مؤشري ستاندرد أند بورز500 وداو جونز الصناعي الوسيط إلى الإغلاق عند مستويات قياسية جديدة برغم الطابع السلبي الذي غلب على تقرير الوظائف. وسنكون بانتظار صدور دفعة جديدة من البيانات الهامة يوم الأربعاء، بالتزامن مع توقعات زيادة التضخم في الولايات المتحدة بمعدل 3.6% بالمقارنة مع العام الماضي. ومع ذلك، يُعزى ذلك إلى التأثيرات الأساسية السلبية، ما يوجب ضرورة مراقبة المستثمرين للتغيرات الشهرية بدلاً من ذلك لمحاولة رصد أيّ مؤشرات لزيادة حادة في الأسعار.

 

وبالنظر إلى المعادن الأساسية، نجد بأنّ أسعار خام الحديد والنحاس في طريقها للزيادة نحو مستويات قياسية جديدة؛ الأمر الذي سينعكس إيجاباً على أسهم قطاع التعدين، إلى جانب دوره في إثارة بعض الشكوك حول تصريحات الاحتياطي الفدرالي حول الطابع "المؤقت" للتضخم.

 

ومن جانبها، ارتفعت قيمة الأسهم الآسيوية اليوم في ضوء التوقعات بتمديد فترة العمل بأسعار الفائدة المنخفضة، بالتزامن مع توقع تسجيل المؤشرات الأوروبية والأمريكية لبداية مبشرة للأسبوع. وفي الوقت ذاته، يُواصل الدولار الأمريكي معاناته جرّاء تداعيات تقرير الوظائف المخيب الذي صدر يوم الجمعة، مع تسجيل مؤشر الدولار الأمريكي لزيادة اقتصرت على 0.4% عن المعدل الذي بدأ فيه العام الجاري، متراجعاً بنسبة 3.15% عن أعلى معدلاته في شهر مارس الماضي.

 

وفي ضوء المشهد الحالي، نتوقع استمرار عمليات البيع على مؤشر الدولار الأمريكي علماً أن أول الاختبارات الكبيرة سيكون عند حاجز الـ 89.20 نقطة. بينما سيُرسل أي انخفاض لما دون هذا المعدل الدولار الأمريكي إلى أدنى مستويات على مدى ثلاثة أعوام. وما لم نشهد تصحيحاً قوياً في الأسهم أو ارتفاعاً جديداً في عائدات السندات الأمريكية، فمن المتوقع أن يبقى الدولار الأمريكي تحت قدر كبير من الضغوط

 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.