شهد شهر نوفمبر تسجيل ربع إجمالي حالات الإصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة منذ بدء تفشي المرض ولغاية الآن، علماً أنّنا ما زلنا على بُعد ثمانية أيام من نهاية الشهر. وتزداد أعداد الإصابات المؤكدة المسجلة يومياً على نحو سريع للغاية؛ إذ تجاوزت نسبة الاختبارات الإيجابية في أنحاء الولايات الأمريكية عتبة الـ 5% الموصى بها. ويواجه النظام الصحي في الدولة الكثير من الضغوط، لا سيما مع تواجد 83 ألف من مرضى كوفيد-19 على الأقل داخل المستشفيات الأمريكية إلى جانب الارتفاع المتواصل لهذه الأعداد.

وفي حين بدأنا نلمس نوعاً من الانحسار في أعداد حالات الإصابة المسجلة في أوروبا، فإنّ العديد من الدول الأخرى، مثل روسيا واليابان وكندا وتركيا وغيرها، ما زالت تُعاني من وطأة التزايد المستمر في حالات العدوى.

وكُنا سنشاهد انخفاضاً في قيمة الأسهم والسلع وغيرها من أصول المخاطر في حال اعتبرنا الأزمة الصحية الراهنة مقياساً للمخاطر؛ غير أنّ العديد من مؤشرات الأسهم ما زالت تتراوح على مقربة من الأرقام القياسية مستفيدة من تفاؤل المستثمرين بانفراجة في المستقبل القريب.

وبحسب الاستبيان الشهري الصادر عن بنك أوف أمريكا، والذي يشمل 190 من نخبة مديري الصناديق الاستثمارية حول العالم، فإنّ مستويات السيولة في المحفظات المالية قد تراجعت إلى 4.1%، في أدنى معدلاتها منذ شهر يناير، في مؤشر واضح على التفاؤل المنتشر في أوساط المستثمرين حيال ارتفاع الأسعار.

وما زلنا غير متأكدين فيما إذا كان ارتفاع الأسعار الناجم عن الأخبار المتعلقة باللقاح سيتواصل على مدى الأسابيع المقبلة أم سيتوقف لبعض الوقت. ومع ذلك، فقد أخذت السوق بالفعل الكثير من الأخبار الإيجابية بالاعتبار، ومع زلنا على موعد مع الأضرار الاقتصادية التي تسببت بها الموجة الثانية أو الثالثة من انتشار الفيروس. ولا بد للسياسات المالية والنقدية أن تواصل لعب دورها المحوري في الحيلولة دون حدوث سيناريو الركود المزدوج، بينما سيحرص المستثمرون على رصد كافة التدابير التي يتخذها واضعو السياسات عن كثب إلى أن أن نتأكد بأنّ الاقتصاد بات قادراً على المضي قُدماً بشكل ذاتي دون الحاجة إلى الدعم.

وستحظى السوق اليوم بفرصة لتقييم مدى الأثر الواقع على النشاط التجاري الأوروبي بسبب تدابير الإغلاق الأخيرة. ومن المتوقع صدور نتائج مؤشرات مديري المشتريات الصناعي والخدمي في كُلّ من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وليس لدينا شكّ بوجوب هبوط هذه المؤشرات، غير أنّ وتيرة هذا الهبوط ستكون مصدر القلق الرئيسي؛ إذ سيُجبر التراجع الحاد في النشاط التجاري البنك المركزي الأوروبي، وربما بنك إنجلترا، على تقديم المزيد من الحوافز بحلول نهاية الهام. ومع ذلك، ستتواصل معاناة البنوك المركزية في ما يتعلق بجهود تحفيز الطلب الإجمالي في حال لم تتسم التدابير المالية التي تعتمدها بالجرأة الكافية.

ومن المقرر أن تصدر محاضر الاجتماع الأخير الذي عقده الاحتياطي الفدرالي بشأن السياسية يوم الأربعاء المقبل. ويتطلع المستثمرون للحصول على أي إشارات حول التغييرات المحتملة في برنامج شراء الأصول في ديسمبر وبعده. فقد يلجأ الاحتياطي الفدرالي إلى زيادة الكمية المشتراة لديه من سندات الخزينة، والتي تبلغ قيمتها 80 مليار دولار شهرياً؛ بل قد يتجه أيضاً إلى تمديد فترة السندات التي جرى شراؤها للاستحقاقات طويلة الأجل. وفي حين قد يؤدي هذا إلى ضمان بقاء تكاليف الاقتراض تحت السيطرة، نؤكد مجدداً على أنّ الدعم المالي سيكون العامل الأهم للحيلولة دون حدوث أي حالة هبوط حادة أخرى في معدلات النمو.

وستكون الأسابيع القليلة المقبلة مثيرة للاهتمام، لا سيما في ظل مواصلة المستثمرين لجهودهم ما بين الآمال بفاعلية اللقاح من جهة والواقع الصعب الراهن لأزمة كوفيد-19. ومع ذلك، ما زالتُ ألمسُ وجود فرص بعيدة المدى من خلال شراء الأصول التي انخفضت أسعارها.

 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.