تعيش الأسواق المالية العالمية الحكاية ذاتها مع بداية الأسبوع الجديد، لا سيما في ضوء تأثير المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي والتضخم سلباً على توجهات المستثمرين.

وارتفعت قيمة الأسهم الآسيوية صباح يوم الثلاثاء برغم إغلاقها ضمن النطاقات السالبة في بورصة وول ستريت خلال الليل، علماً أنّ البيانات الاقتصادية الضعيفة الواردة من الصين قد وضعت المزيد من الضغوط على الآفاق الاقتصادية العالمية. وتُعزى هذه المكاسب إلى ظهور بعض الشركات التكنولوجية كأطراف فاعلة في السوق وتقديرها لإمكانية التخفيف من حدّة الحملة التنظيمية التي تشنُّها الصين على القطاع. ومن جانبه، يُساعد التخفيف من تدابير الإغلاق المفروضة في شنغهاي على توفير موقف أكثر إيجابية في الأسواق.

ومن ناحية ثانية، تتجه العقود الآجلة الأوروبية نحو بداية إيجابية لجلسات التداول، علماً أن المكاسب قد تكون محدودة نتيجة مشاعر الحذر التي تسود الأجواء. وعلى الرغم من الطابع الإيجابي الذي يسود أداء العقود الآجلة الأمريكية بعد الجلسة المتقلبة يوم أمس، نتوقع حدوث المزيد من التقلبات بعد ظُهر اليوم بسبب مجموعة من التقارير الاقتصادية الأمريكية والكلمات المرتقبة لعددٍ من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي.

وكانت البيانات الاقتصادية الضعيفة الواردة من أكبر اقتصادين في العالم قد تركت انطباعات سيئة في أذهان المستثمرين وعزّزت المخاوف حول آفاق الاقتصاد العالمي. وتُضاف إلى هذا المزيج السيء تلك المخاطر الجيوسياسية المستمرة والتي تُواصل استنزاف ما تبقى من الثقة وتدفع المستثمرين لتجنب الأصول ذات المخاطر العالية. وبالنظر إلى الطبيعة المتقلبة والهشة لتوجهات السوق، قد تكون الأسواق المالية على موعد مع المزيد من الخسائر مع توجه المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن.

وأمّا من ناحية البيانات، تراجعت معدلات البطالة في المملكة المتحدة لأدنى مستوياتها منذ قرابة النصف قرن، مع استمرار التوظيف في شهر أبريل. وأظهرت الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني تراجع معدلات البطالة في الدولة إلى 3.7% من 3.8% في الربع الأول لعام 2022، في أدنى المستويات المُسجّلة منذ عام 1974. ومن جانبها، ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني عبر جميع الجداول البيانية بعد التقارير الصادرة حول تحسُّن أداء زوج عملات الجنيه الإسترليني / الدولار الأمريكي مُتجاوزاً عتبة الـ 1.2400.

الدولار على موعد مع أسبوع حافل بالتقلبات

استهل الدولار الأمريكي القوي الأسبوع بأداء متقلب برغم تجاوزه لحاجز الـ 105.0 يوم الجمعة الماضي، في أعلى مستويات سجّلها منذ ديسمبر 2002. وعلى الرغم من البداية البطيئة، ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي مقابل جميع نظرائه من العملات العشرة الرئيسية هذا الشهر، وذلك بفضل التوقعات بتوجه الاحتياطي الفدرالي لرفع سعر الفائدة وتراجع معدلات الإقبال على المخاطر الناجمة عن مخاوف النمو العالمية والمخاطر الجيوسياسية المستمرة.

قد تكون العملة الأمريكية على موعد مع المزيد من التقلبات خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بسبب التقارير الاقتصادية الرئيسية والكلمات المرتقبة لعدد من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي. وستتجه جميع الأنظار بعد ظُهر هذا اليوم نحو بيانات مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة لشهر أبريل، علماً أنّ الأولى ستمنح الأسواق لمحة جديدة حول سُبل تكيّف المستهلكين الأمريكيين مع مستويات التضخم المرتفعة. وسيكون رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول اليوم تحت دائرة الضوء برفقة غيره من أبرز واضعي السياسات، علماً أنّ إطلاقهم لأيّ تصريحات تدعم التوجه لكبح جماح التضخم قد يؤدي إلى تعزيز التوقعات بإقرار زيادة جديدة بواقع 75 نقطة أساس في أسعار الفائدة في شهر يونيو، في خطوة ستؤدي إلى رفع قيمة الدولار الأمريكي في نهاية المطاف.

وبالنظر إلى مؤشر الدولار الأمريكي، يصب السيناريو الحالي في مصلحة أولئك المضاربين على ارتفاع قيمة العملة الأمريكية. شهدت السوق العديد من حالات الارتفاع والتراجع الشديدة في الأداء. ومع ذلك، ستكون على موعد مع الإعداد لنوع من التراجع الفني قبل أن ينجح المضاربون على ارتفاع قيمة الدولار بدفع الأسعار نحو مزيد من الزيادة. ويبقى 105.00 هو المستوى الرئيسي للاهتمام.

لمحة على السلع الأساسية – النفط

كانت أسعار النفط في وضع الاستعداد صباح يوم الثلاثاء بعد الإغلاق عند أعلى مستوياتها منذ قرابة الثمانية أسابيع في الجلسة السابقة. وكان المضاربون على ارتفاع أسعار النفط قد رحّبوا بالتقارير الواردة من شنغهاي بشأن تسجيل المزيد من حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19 لليوم الثالث على التوالي. ومع ذلك، حدّت الأنباء بشأن معارضة هنغاريا لتحرك الاتحاد الأوروبي نحو حظر واردات النفط الروسي من المكاسب التصاعدية للسوق.

تبقى السلع الأساسية العالمية عرضة للتجاذبات الناجمة عن مجموعة من القوى المختلفة. وتُواصل المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف الركود دعمها لموقف المضاربين على ارتفاع أسعار النفط، علماً أنّ هذا يُشكّل طرفاً واحداً من المعادلة فقط. غير أنّ المخاطر الجيوسياسية المستمرة بشأن روسيا وأكرانيا تستمر في تشجيع أولئك المتفائلين بارتفاع أسعار النفط.

وبالنظر إلى الجانب الفني من المشهد، حقق خام غرب تكساس مكاسب تفوق 50% منذ بداية عام 2022. وتحوم أسعار النفط حول معدل 114 دولار للبرميل عند تاريخ كتابة هذا التقرير، علماً أنّ الزخم التصاعدي الحالي قد يأخذ الأسعار نحو 116.60 و120 دولار للبرميل، على الترتيب. ومن شأن أيّ تراجع لما دون 110 دولار للبرميل أنّ يؤدي نحو عملية تصفية تصل بالنفط لمستوى 100 دولار للبرميل.

لمحة عن السلع الأساسية – الذهب

أظهر المضاربون على الذهب نوعاً من المقاومة يوم أمس بعد تراجع الأسعار لأدنى مستوياتها منذ أواخر يناير الماضي. ورأت الأسواق في الدولار الضعيف والتراجع الطفيف في عائدات سندات الخزينة عوامل أساسية مُعززة للاتجاه التصاعدي. وبصرف النظر عن المكاسب الأخيرة، فلم يخرج المعدن الثمين من منطقة الخطر بعد؛ إذ يُمكن للذهب أن يجد نفسه في مأزق حقيقي في حال أسهمت البيانات الاقتصادية الأمريكية والكلمات المرتقبة من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي بتعزيز التوقعات بزيادة سعر الفائدة ودعم الدولار الأمريكي.

ومن الجانب الفني، تقترب الأسعار من مستوى المتوسط البسيط المتحرك لـ 200 يوم حول 1835 دولار للأونصة. ومن شأن أيّ تجاوز تصاعدي لهذا المستوى أن يفسح المجال أمام مُجدداً نحو مستوى 1855 دولار للأونصة. وقد يتراجع الذهب مُجدداً لما دون 1800 دولار للأونصة في حال ثبُت للأسواق بأنّ 1835 دولار للأونصة بات مستوىً موثوقاً للمقاومة.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.