تدل العديد من المؤشرات من قبيل المستويات القياسية الجديدة للأسهم الأمريكية والارتفاع في عائدات سندات الخزينة وانخفاض سعر الذهب وانتعاش الأسواق الآسيوية والأوروبية من آثار عمليات التصفية التي شهدتها الأسبوع المنصرم إلى احتمالية انتهاء حالة الذُعر التي سادت في جميع أرجاء العالم.

 

 ويأتي هذا الانتعاش على نحو مستغرب برغم عدم التوصل إلى لقاح لعلاج فيروس كورونا الذي تسبب بانخفاض قيمة الأسهم منذ البداية، وفي ظل ارتفاع أعداد الوفيات إلى 563 شخص لغاية مساء يوم الأربعاء. ومن جانب آخر، يبدو بأنّ حالات العدوى في طريقها للارتفاع أيضاً، لا سيّما مع وصول أعداد الحالات المؤكدة للإصابة بالفيروس إلى 2,987 حالة. وفي ضوء هذه المستجدات، تبرز العديد من التساؤلات حول العوامل المحركة لأصول المخاطر.

 

 ويُعزى التغيير الذي طرأ على المزاج الاستثماري خلال اليومين الماضيين إلى العديد من العوامل؛ إذ سلّطت البيانات الاقتصادية الأخيرة الضوء على حدوث تسارع في أنشطة التصنيع والخدمات حول العالم، ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تلجأ الشركات المملوكة من الحكومة الصينية على الأرجح إلى التدخل وشراء الأسهم في حال لمست أي احتمال لحدوث انهيار في السوق، لتحول دون قيام كبار المستثمرين ببيع حصصهم. غير أنّه من المتوقع أن تُبدي الحكومات والبنوك المركزية استعدادها لتخفيف القيود المفروضة على السياسات النقدية والمالية، ما أسهم على نحو كبير في الزيادة الأخيرة في قيمة أصول المخاطر. وقام بنك الصين الشعبي بالفعل بضخ مليارات الدولارات ضمن المنظومة المالية، بينما كان البنك المركزي التايلاندي أول المؤسسات التي أقرت خفض سعر الفائدة يوم الأربعاء على خلفية انتشار الفيروس.

 

 ومن ناحية أخرى، كان إعلان الصين المفاجئ حول عزمها خفض الرسوم الجمركية إلى النصف على أكثر من 1,700 منتج أمريكي آخر العوامل التي عززت قيمة الأسهم خلال الجلسة الآسيوية اليوم. ومع ذلك، فما زال يصعب التكّهن بإمكانية بلورة هذه الخطوة للمرحلة الثانية من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين. ولكن، كانت هذه البادرة على كلّ حال كافية لرفع الثقة العامة لدى المستثمرين.

 

 وتبقى مستويات المخاطر عالية برغم كلّ الأجواء الإيجابية التي تسود الأسواق المالية، فما زلنا لم نكوّن صورة واضحة حول الأثر الدقيق لانتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني والعالمي ككل؛ إذ قد يؤدي هبوط معدلات النمو في الصين بواقع 1-2%، إلى آثار عالمية، الأمر الذي سيُلقي بظلاله على إيرادات المؤسسات بلا شك.

 

 وما زالت عائدات سندات الخزينة الأمريكية المستحقة بعد عشرة أعوام تحت المعدل الذي بدأت فيه العام الجاري برغم ارتفاعها بواقع 17 نقطة أساس على امتداد الأيام الثلاثة الماضية بعد وصولها إلى معدل 1.5%. وليكونوا قادرين على التفاؤل بتحقيق مستويات أعلى من النمو، يحتاج المستثمرون في السندات إلى دليل واضح على تجاوز الخطر، ويبدو أننا لم نصل إلى تلك المرحلة بعد. ومن جانبه، حافظ النحاس، الذي يُعتبر أحد المؤشرات الرئيسية لحالة الدورة الاقتصادية، على معدله بأقل من 10% من المستويات التي سجّلها في منتصف شهر يناير المنصرم؛ إذ تتطلب فئات الأصول هذه حدوث انتعاش ملموس لكي تعكس حالة حقيقية من التفاؤل، وإلّا فإنّنا نتوقع تأثر أسعار الأسهم بالمزيد من الصدمات في الأيام القادمة.

 

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.